الخليل

Map Details

تعتبر مدينة الخليل من القضايا الهامة التي يتعين إيجاد حل للمشاكل والتحديات الاستيطانية فيها ضمن إطار الوضع النهائي لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ونظراً لكون مدينة الخليل إحدى المدن الأربعة ذات الصلات الدينية والتاريخية لدى المسلمين مثل كل من مكة والمدينة والقدس، إضافة إلى كونها إحدى المدن الأربعة المهمة لدى اليهود إلى جانب القدس وصفد وطبريا. إن الأهمية الدينية للخليل تنبع أساسا من واقع أن كلا من المسلمين واليهود يعتقدون أن إبراهيم، أبو الديانات اليهودية والمسيحية والإسلامية قد دفن في المسجد الإبراهيمي (كهف البطاركة أو المكفيلة لليهود)، إلى جانب ابنه إسحاق وحفيده يعقوب. وتعتبر مدينة الخليل مدينة عربية بالدرجة الأولى ذات أغلبية سكانية عربية وأقلية يهودية صغيرة منذ الثلاثينات من القرن الماضي. وبعد أن زادت الهجرة اليهودية إلى المدينة (وفلسطين) بعد النصف الثاني من القرن التاسع عشر وزادت النشاطات الصهيونية فيها، ارتفعت وتيرة التوترات بين الفلسطينيين واليهود، وتصاعدت حدتها في النهاية إلى صدام ثم هبة البراق عام 1929، حيث قتل 67 يهوديا في الخليل. وغادرت الجالية اليهودية المدينة بالكامل بعد بداية ثورة عام 1936، وحافظت مدينة الخليل على طابعها العربي الإسلامي حتى بداية الاحتلال العسكري الإسرائيلي عام 1967 وإنشاء المستوطنين الإسرائيليين مستوطنة كريات أربع في ضواحيها عام 1968. وفي عام 1979، دخلت مجموعة صغيرة من المستوطنين من كريات أربع إلى وسط المدينة وشكلوا مستوطنة جديدة هناك، وتبعها إنشاء ثلاث مستوطنات أخرى في وسط مدينة الخليل، وتم تأسيس آخرها في عام 1984.

بعد المجزرة الإسرائيلية باغتيال المصلين المسلمين في الحرم الإبراهيمي عام 1994 في الخليل، فرضت السلطات الإسرائيلية نظام جديد من الترتيبات الأمنية على المدينة، والتي أدت في نهاية المطاف إلى تقسيم رسمي للمدينة وفقاً لبروتوكول عام 1997 المتعلق بإعادة الانتشار في الخليل وفي منطقة H2 (الخليل 1) الفلسطينية، والتي تضم نحو 80٪ من المدينة، ومنطقة (الخليل 1) الإسرائيلية (انظر خريطة 29). كانت أول هذه الإجراءات الأمنية التي فرضتها إسرائيل على الخليل – بشكل رسمي بهدف منع الهجمات الانتقامية الفلسطينية على المستوطنين الإسرائيليين- فرض حظر التجول المنزلي على المواطنين الفلسطينيين في الخليل لمدة شهر وإغلاق حوالي 520 مصلحة تجارية فلسطينية في قلب المدينة لأجل غير مسمى. في نهاية المطاف أغلقت إسرائيل شارع الشهداء بكامله الذي يعد الشارع التجاري الرئيسي في الخليل. ولا يزال شارع الشهداء مغلقاً حتى عام 2014، مع إغلاق واجهات المحل وختمها بالشمع الأحمر.

وقد أدى هذا الإغلاق وتقسيم المدينة منذ إصدار بروتوكول الخليل عام 1997 إلى انهيار شبه كامل في اقتصاد الخليل، مما أجبر الآلاف من الفلسطينيين على مغادرة المدينة بحثاً عن فرص اقتصادية في أماكن أخرى. وقد أظهرت دراسة سكانية على مستوى المدينة عام 2004 أن ما يزيد عن 1،000 منزل في وسط الخليل والتي تشكل أكثر من 40٪ من المساكن الفلسطينية في المنطقة قد تم إخلاؤها منذ المجزرة الإسرائيلية عام 1994. علاوة على ذلك، تم إغلاق أكثر من 1،800 مصلحة تجارية فلسطينية في وسط المدينة (أكثر من 75٪ من العدد الإجمالي).

انتقلت 30 عائلة من المستوطنين الإسرائيليين و14 شخصا في آذار (مارس) من عام 2007 إلى مبنى غير مكتمل البناء متعدد الطوابق يطلق عليه اسم بيت السلام "بيت هشلوم" على "طريق المصلين " الذي يربط بين كريات أربع والحرم الإبراهيمي ومستوطنات منطقة (الخليل 1) الأربعة. في حين صرح عمير بيريتس، وزير الدفاع الإسرائيلي السابق في البداية أنه سيسمح للمستوطنين بالتواجد هناك بشكل مؤقت، أعلن ايهود اولمرت، رئيس الوزراء الإسرائيلي في وقت لاحق انه لن يسمح لبيرتس بإخلائهم في حال حصلوا على ملكية قانونية للبناء . ومع ذلك، أمرت المحكمة العليا الإسرائيلية في تشرين الثاني (نوفمبر) من عام 2008 بإجلاء المستوطنين بسبب ثبوت تزويرهم وثائق الملكية. وتعهد المستوطنون في بيت هشلوم بـ"إعلان الحرب" لمنع إجلائهم ردا على قرار المحكمة. وتبع ذلك أسبوعاً من الاعتداءات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، حتى تم إخلاء "بيت هشلوم" أخيرا بعد شن الجيش الإسرائيلي غارة مفاجئة على المجمع في أوائل كانون الأول (ديسمبر) من عام 2008. وقضت محكمة المقاطعة في عام 2012 ؛ خلافا للحكم السابق الذي أصدرته المحكمة العليا الإسرائيلية، أن المستوطنين قد اشتروا المبنى بشكل قانوني، على الرغم من امتلاكهم وثائق ملكية مزورة. وقد أكدت المحكمة العليا الإسرائيلية هذا الحكم في آذار (مارس) من عام 2014. والأمر الآن بيد موشيه يعالون، وزير الدفاع الإسرائيلي (2014) ليقرر مصير إقامة "بيت هشلوم" كمستوطنة رسمية خامسة في منطقة (الخليل 1).

ازداد عدد المستوطنين في كريات أربع إلى أكثر من (7,500) نسمة على مر السنين، ويقدر التعداد الحالي للمستوطنين في منطقة (الخليل 1) الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية في الخليل بحوالي 800 مستوطن يهودي (200 منهم من طلاب يشيفا)، كما يتمركز آلاف الجنود الإسرائيليين في الخليل لحماية هؤلاء المستوطنين. شهد الفلسطينيون الذين يعيشون في منطقة (الخليل 1) والبالغ عددهم 40,000 فلسطيني إضافة إلى الفلسطينيين المقيمين في المناطق المحيطة بمنطقة (الخليل 1) تقييداً شديداً على حريتهم في التنقل من خلال إقامة 18 حاجزاً عسكرياً وسيطرة دائمة عليها، فضلا عن نشر الجيش الإسرائيلي أكثر من120 عائق مادي. كما يفرض على العديد من الشوارع حظراً على حركة مرور السيارات الفلسطينية إلا في حال حصولهم على إذن خاص، الذي يكون الحصول عليه من المستحيل تقريباً، وبعضها يحظر فيه أيضاً التنقل مشياً على الأقدام. رغم أنه تم فرض معظم القيود بعد مجزرة عام 1994، إلا أنه تم تكثيفها خلال الانتفاضة الثانية التي بدأت عام 2000. لا زال الفلسطينيون الذين يعيشون في هذه المنطقة يخضعون ل"أقسى القيود المفروضة على الحركة أكثر من أية مجموعة أخرى من السكان في الضفة الغربية حتى الآن". وأسوءهم وضعاً هم أولائك الفلسطينيين الذين يعيشون في "المناطق المحظورة" التي تحيط بالمستوطنات الإسرائيلية الأربعة الواقعة في منطقة (الخليل 1) والبالغ عددهم حوالي 6،000 نسمة، حيث أنهم ليسوا محظورين من التحرك بحرية داخل مدينتهم فحسب، بل أيضاً "يواجهون تحديات جدية من أجل الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك المدارس والخدمات الصحية الطارئة (الإسعاف)، والمياه والصرف الصحي كما يتعرض الفلسطينيون في الخليل للاعتداءات اليومية من المستوطنين اليهود وكذلك القوات الإسرائيلية بشكل منتظم.

Related Maps