خريطة الطريق لعام 2003

Map Details

طرحت المملكة العربية السعودية في قمة الجامعة العربية التي عقدت في بيروت في آذار عام 2002 مبادرة السلام العربية والتي اقترحت الاعتراف الكامل بإسرائيل وتطبيع العلاقات مع كافة الدول العربية الثانية والعشرين في مقابل إنهاء الاحتلال، وانسحاب إسرائيل إلى حدود عام 1967، والموافقة على قيام دولة فلسطينية ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة مع القدس الشرقية عاصمة لها، فضلا عن حل "عادل" و "متفق عليه" لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين. وقد اختارت حكومة شارون عدم الرد رسمياً على عرض مبادرة السلام العربية وتجاهلته على مدى سنوات.

في 24 حزيران من عام 2002، حدد الرئيس الأمريكي جورج بوش رؤيته للسلام في الشرق الأوسط، داعيا إلى إنشاء "دولة فلسطينية قادرة على البقاء وتتمتع بالمصداقية" للعيش " في أمن وسلام جنبا إلى جنب" مع إسرائيل. "ومع ذلك، فإن تحديد الحدود والسيادة الفلسطينية كانت ليظل مؤقتا لحين التوصل إلى تسوية نهائية. علاوة على ذلك، تعهد بوش بعدم دعم أي دولة فلسطينية حتى ينتخب الشعب الفلسطيني قادة جدد "غير إرهابيين"، وينشؤوا "مؤسسات سياسية واقتصادية جديدة تقوم على أساس الديمقراطية واقتصاديات السوق والعمل ضد الإرهاب" ويقدموا ترتيبات أمنية جديدة مع جيرانهم. بالرغم من أن هذه الشروط قد واجهت العديد من الانتقادات على أنه تدخلا لا مبرر له في الشؤون الفلسطينية، وصف أحمد عبد الرحمن ، أمين عام مجلس الوزراء الفلسطيني خطاب بوش بأنه "تغيير تاريخي في الموقف الأمريكي"، لأنها المرة الأولى التي تقوم فيها الإدارة الأمريكية بالاعتراف بأن "الحل الوحيد لهذا الصراع هو إنهاء الاحتلال والحصول على دولة من أجل العيش في سلام إلى جانب إسرائيل ".

في الأشهر التي تلت خطاب الرئيس بوش، عملت الحكومة الأمريكية جنباً إلى جنب مع شركائها في اللجنة الرباعية للشرق الأوسط (الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وروسيا) على مقترح لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. كان ينظر لهذا النهج الدولي الجديد الذي طرحته الولايات المتحدة لعملية السلام على أنه رداً على أعمال العنف وإراقة الدماء بين الإسرائيليين والفلسطينيين منذ اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000 و "محاولة للحصول على الدعم الدولي في الفترة السابقة للحرب على العراق". بعد عدة تأخيرات أولية ، أصدرت اللجنة الرباعية أخيرا خريطة الطريق من أجل السلام عام 2003 (في الكامل:" خريطة الطريق لإيجاد حل دائم للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني على أساس وجود دولتين")، واضعةً بذلك خطوطاً توجيهية من شأنها أن تصل إلى حل الدولتين في غضون ثلاث سنوات. وللمرة الأولى منذ قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة عام 1947، "نجح المجتمع الدولي في التعبير عن رؤية واحدة موحدة وشاملة لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي، والتي تضمنت إقامة دولة فلسطينية مستقلة" على 22٪ من أرض فلسطين التاريخية. تتكون خريطة الطريق التي طرحها بوش في خطابه في يونيو 2002، والتي تأثرت بمبادرة السلام العربية من ثلاث مراحل. حيث سيتم العمل في المرحلة الأولى على إنهاء العنف بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وتجميد النشاط الاستيطاني الإسرائيلي (بما في ذلك النمو الطبيعي للمستوطنات)، وتفكيك البؤر الاستيطانية وتعزيز وإصلاح الحكومة الفلسطينية، واتخاذ خطوات تسهل الظروف القاسية التي يعاني منها 3.5 مليون فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة نتيجة الحملة الأمنية الإسرائيلية منذ عام 2001. أما في المرحلة الثانية فسيتم استحداث دولة فلسطينية مستقلة بحدود مؤقتة، في حين أن المفاوضات النهائية بشأن الحدود الدائمة للدولة الفلسطينية وقضية اللاجئين ووضع القدس ستعقد في المرحلة الثالثة والأخيرة، وتنتهي بالاعتراف الدولي بكل من فلسطين وإسرائيل بحلول عام 2005.

لم تكن خريطة الطريق نتيجة المفاوضات بين أطراف النزاع، ولم تكن الحكومة الإسرائيلية أو الفلسطينيين مقتنعين في الواقع بأنه سيتم تنفيذ خريطة الطريق بالكامل. وأعرب عوزي لانداو، وزير حزب الليكود المسؤول عن جهاز المخابرات والعلاقات الإستراتيجية مع الولايات المتحدة بأن خريطة الطريق كانت "جائزة ضخمة للإرهاب" و "خريطة لكارثة وطنية". طالبت إسرائيل بأن تكون الالتزامات الإسرائيلية مرهونة بتلبية الفلسطينيين بكافة مطالبهم وأولها اتخاذ خطوات حاسمة ضد العنف الفلسطيني، فضلا عن تغيير القيادة الفلسطينية كشرط مسبق لإحراز أي تقدم سياسي. وعلاوة على ذلك، فقد اعترضت إسرائيل من أن خريطة الطريق لا تطالب الفلسطينيين بالاعتراف بإسرائيل كدولة "يهودية"، وأنها لا تقدم ضمانات أمنية كافية. أخيرا، أصرت الحكومة الإسرائيلية بأن تقوم الولايات المتحدة بمراقبة التزام الأطراف بالواجبات المترتبة عليها بدلا من اللجنة الرباعية للشرق الأوسط، كما طالبت باستخدام حق الفيتو للتصويت على أي قرار للتقدم إلى المرحلة المقبلة. يعتبر معظم الفلسطينيين خريطة الطريق نسخة محسنة عن اتفاق أوسلو التي لم تذكر قيام دولة فلسطينية مستقلة كهدف من أهدافها. كما ذكرتهم خريطة الطريق بالنهج التدريجي المتسلسل لاتفاقات أوسلو التي لم تطبق على أرض الواقع، الأمر الذي أدى إلى شكهم في أن تتطور إلى ما بعد المرحلة الأولى.

بحلول تموز (يوليو) من عام 2003، كان الأمر الوحيد الذي يمكن أن يوافق عليه المسؤولون الإسرائيليون والفلسطينيون هو خارطة الطريق، وادعى البعض بأن اللجنة الرباعية للشرق الأوسط لم يكن لها أي دور فعال. ألقت الحكومة الإسرائيلية باللوم على الفلسطينيين لفشلهم في كبح جماح "الانتحاريين" والمسلحين من حركة المقاومة الفلسطينية، ووفقا للفلسطينيين فإن إسرائيل لم تكن ملتزمة بإنهاء التوسع الاستيطاني واستمرت في خلق وقائع على الأرض من خلال بناء الجدار العازل على الأراضي الفلسطينية، وبالتالي فإنها تعمل على تقويض فكرة حل الدولتين. وعلاوة على ذلك، بالرغم من أن الفلسطينيين قد وافقوا على خريطة الطريق بسبب تحديدها لالتزامات كلا الطرفين بسبب تمتعها بدعم دولي، إلا أن الفلسطينيين سرعان ما اعتقدوا بأن خريطة الطريق - مع التحفظات الأربعة عشر الإسرائيلية الملحقة بها - سوف تستخدم كأداة ضغط ضد الفلسطينيين فحسب ولن تقود إلى أية نتيجة في النهاية. لا تزال خارطة الطريق حتى العام 2014 بمثابة محطة سياسية مرجعية في المفاوضات، على الرغم من أنها أصبحت وثيقة "تاريخية" في ملف الصراع!

Related Maps