قوات الأمن الفلسطينية
في حين أن "الترتيبات الأمنية" كانت واحدة من القضايا التي تم تأجيلها لما يسمى بمفاوضات الوضع الدائم، فإن إعلان المبادئ في سبتمبر 1993 بشأن ترتيبات الحكم الذاتي المؤقت واتفاقيات أوسلو الأولى واتفاقيات أوسلو الثانية اللاحقة نصت على "قوة شرطة قوية" الحفاظ على النظام العام والأمن الداخلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة. منذ ذلك الحين، مرت القوات الفلسطينية بالعديد من عمليات الإصلاح بما يتماشى مع التطورات السياسية والتغييرات في القيادة والسياسات الأمنية، لكن التركيز ظل على القانون والنظام في الأراضي الفلسطينية المحتلة وعلى ضمان الأمن الإسرائيلي -وليس الفلسطيني-وبالتالي خلق احتمال كبير للصراع من البداية.
وعلى الرغم من أن قطاع الأمن الفلسطيني قد لعب دوراً حاسماً لمدة 27 عاماً حتى الآن - حيث يوجد حالياً حوالي 52,000 فرد في الضفة الغربية وقطاع غزة مجتمعين، وهو ما يمثل حوالي ربع ميزانية السلطة الفلسطينية - لا يُعرف سوى القليل في المجال العام حول عملياته وعلاقاته وعمله أو دور الفاعلين الخارجيين ومدى تعقيد مشاركتهم.
تسعى هذه النشرة إلى سد هذه الفجوة المعرفية وتقديم نظرة عامة شاملة عن الأصول والتطور بالإضافة إلى الهيكل والأدوار الحالية لقوى الأمن الفلسطينية. وتبحث هذه النشرة في الحقائق والأرقام الكامنة وراء الصور النمطية أحياناً لقطاع الأمن في السلطة الفلسطينية وتفحص بيئته، بما في ذلك التصورات العامة لأدائه ودور الجهات الفاعلة الدولية. ومن المؤمل أن يساهم ذلك في فهم شامل ليس فقط لوظائف القوى المختلفة والتحديات التي تواجه شرعيتها وسلطتها، ولكن أيضاً للنقد الموجه لها والمعضلة التي تواجهها، من جهة، والتي ترمز إلى الاستقلال مع السلاح والزي العسكري، ولكن من ناحية أخرى مواجهة واقع الاحتلال وتضاؤل آفاق تحقيق هدف الدولة الفلسطينية.
وبالنظر إلى المستقبل، تتناول النشرة أيضاً آفاق استمرار استدامة قوى الأمن الفلسطينية وما يجب القيام به للحفاظ على كفاءتها وشرعيتها العامة وزيادتها بالإضافة إلى إضفاء الطابع الرسمي على عقيدة الأمن القومي التي تشتد الحاجة إليها.