Palestinian Personalities- A Biographic Dictionary
Overview
حتى تبقى الذاكرة الفلسطينية قصة حيةً تتداولها وتحفظها الأجيال بثقة وكبرياء
لا بد من مراجعة المشهد الجغرافي لفلسطين: "الأرض"، الجبل والوادي والسهل والنهر والبحر، المدينة والقرية والريف وما شهدته هذه "الأرض" من تحديات وتغييرات على أيدي الغزاة أو الاحتلال أو التقسيم أو الحصار أو الإغلاق ولأن "على هذه الأرض ما يستحق الحياة"!
وأيضاً مراجعة المشهد الحياتي لفلسطين" "الوطن" وما يمثله من هوية وثقافة وحضارة، وسجلته الرواية والقصيدة والمقالة والمذكرات واللحن والأغنية......
وحتى نسجل بعضاً من هذه "الذاكرة"، كان لابد من العودة الى الماضي القريب والبعيد بحثاً وتدقيقاً وشرحاً لصورة وشخصية الانسان الفلسطيني، شخصيات معروفة وأخرى مجهولة على الرغم من تردد أسمائها في أحداث المسألة الفلسطينية ومحيطها، ومنهم من كانوا رواداً في حركة اليقظة العربية في مطلع القرن التاسع عشر، وفي الحركة الوطنية والقومية العربية في القرن العشرين..
هذا الفلسطيني الذي شكل النوادي والأحزاب والجمعيات وعقد المؤتمرات الوطنية لتثبيت "المواطنة" الفلسطينية وحقوقها في وطنها واستقلاله وحريته والدفاع عن المستقبل الفلسطيني في هبات الغضب والثورة الكبرى في الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي.. الفلسطيني الذي عمل في بناء وإعمار أقطار عربية ايماناً منه بعمق الانتماء القومي... الفلسطيني الذي عمل في مجالات الصحة والتعليم والهندسة والسياسة.... الفلسطيني الذي "دخل" النظام السياسي العربي كجزء فاعل فيه ونجح في زرع فلسطين في الضمير العربي.... الفلسطيني الذي أصبح لاجئاً بائساً عاطلاً ثم ثائراً منتفضاً، مقاوماً ثم مفاوضاً وحاكماً ومحكوماً !! ووسط هذا كله، الفلسطيني الذي غدا أسير حرب ومعتقل بدون تحقيق، وسجين "ضمير" بدون تهمه أو إدانة فأصبح جريحاً وطريداً وشهيداً...
الفلسطيني صاحب "الخصوصية" بدون شهادة ولادة رسمية أو وثيقة سفر من حكومة أو دولة ذات سيادة ... الفلسطيني الذي عاش حراكاً اجتماعياً وثقافياً واقتصادياً ومهنياً على أرضه وفي الاقطار المضيفة عبر الحدود وفي المهجر دون أن يسقط "الأمل" في الحياة والحرية.
الفلسطيني الذي هاجر طوعياً وفردياً بحثاً عن العمل أو الدراسة أو هُجر قصرياً وجماعياً أمام تصاعد العدوان وحرصاً على البقاء والحياة..... الفلسطيني الذي حمل وثائق الآخرين دون ان ينصهر فيها واحتفظ بهويته دون خوف وحمل مفتاح بيته على أمل العودة!
ولتوجيه "الذاكرة" الى المشهد الحياتي بما يحمله من قيم اخلاقية وانسانية، كان لا بد من البحث عن هذا "الفلسطيني" المواطن على أرضه وخارجها، صاحب الحقوق التاريخية والسياسية والوطنية، الفلسطيني الذي كان قدره أن لا يعيش كغيره من شعوب الارض في استقرار وأمان........ الفلسطيني الذي فُرض عليه تأكيد حضوره، واثبات هويته، والدفاع عن حقوقه، وتطوير نفسه في هوية جماعية رغم الظروف القاهرة التي فرضت عليه، صراع لا ينتهي، وتقسيم وانقسام وتشتت وتشرد....
وللاطلاع على هذه "الذاكرة" كانت المهمة أن نسعى الى تسجيل السيرة الذاتية لأكثر من ألف "هوية" فلسطينية........ رغم تعدد واختلاف الحقب السياسية التي عاشوها، علماً بأنهم جميعاً رجالاً ونساءاً تمتعوا بمميزات خاصة، اتفقوا واختلفوا في مواقعهم ومواقفهم، ولكنهم في المحصلة الأخيرة يشكلون هذه "الذاكرة" الفلسطينية للوطن والهوية .........
كانت مهمة اختيار وتجميع وتدقيق السيرة الذاتية لأكثر من ألف "هويه" عبر مائة عام من تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية، مهمة شاقة لكنها مثيرة وممتعة، لأن هذه السّير تشكل مصدراً رئيسياً لدراسة وفهم المجتمع الفلسطيني وتطوره ليس فقط للباحثين في علم الاجتماع أو التاريخ السياسي بل أيضاً للمعنيين في قضية فلسطين، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، والمؤمنين وأيضاً المختلفين في وعلى "القضية"!.
لقد قدّر لي أن أتابع وباهتمام كبير، حياة وسير الكثيرين من هذه الشخصيات رجالاً ونساءً، عرفت بعضهم عن قرب وآخرين عن بعد وكنت سعيداً ومحظوظاً في دراسة شخصياتهم وبعض مذكراتهم ومقارنتها دون اصدار الأحكام عليها....... وبين هؤلاء وأولئك، تعلمت مباشرة من وعن كثيرين ومن مصادر المكتبة العربية الفلسطينية، والوثائق السياسية والمذكرات الشخصية والمقابلات الشخصية المباشرة وغير المباشرة وما سجله من سبقونا الى هذه المهمة التي كادت ان تكون "مهمة مستحيلة" للحجم الكبير لاعداد الرجال والنساء الذين كان يجب ان يضمهم هذا البحث.
لقد تمكنت وزملائي من اقناع الكثيرين بضرورة وأهمية "تسجيل" المعلومة الدقيقة، واختصارها على نموذج يجمع بين الاسم الكامل وتاريخ الميلاد والدراسة والعمل واهم الانجازات دونما تفاخر وتباهي بنشر المحاسن وطي المساوئ! وبتواضع دونما افراط في الشرح والتفسير، ليس فقط لتحقيق الغاية العلمية من هذا الجهد وانجازه في الفترة المحددة له، بل أيضاً لافساح المجال لاضافة آخرين من الشخصيات الأخرى ضمن صفحات هذا الكتاب.
واذا كان لابد من تسجيل كلمة شكر وعرفان فانها لزملائي، فريق البحث في الجمعية، الذي أمطرته يومياً بكثير من الأسئلة والالحاح في متابعة الاتصال مع الناس وأهمية انجاز المهمه، وكانوا يتنقلون بين أجهزة الهواتف والكمبيوتر والمكتبة وما فيها من مراجع ووثائق ثم الاتصال البريدي المستمر مع كثيرين من أصحاب وأهل وأقارب ومعارف هذه الشخصيات......
لقد كانت لهذه المجموعة من الزميلات والزملاء (فريق البحث) الدور الكبير في بذل الجهد في مسألة الترجمة والتدقيق والمراجعة مع عدد من أمناء المكتبات الرسمية والاهلية كتابة وشفاهة دونما كلل وحرص شديد على تسجيل المعلومات بدقة وأمانة وإنني إذ اسجل هنا تقديري وامتناني الشخصي لفريق البحث، لآمل التواصل معهم جميعاً في تحقيق واجبنا الوطني ومسؤوليتنا العلمية في خدمة قضايا فلسطين.
واذا كان لي من كلمة أخيره، فأرجو قبول الاعتذار الشديد عن أي اغفال او تقصير او سهو غير مقصود او خطأ في التدوين جاءت عليه هذه الاوراق، وإني اذ اسجل الاعتذار بداية من اصحاب السيرة الذين رحلوا عن هذه الارض وايضاً الذين يواصلون مسيرة العمل والبناء على هذه الارض، على أمل ان يكون لنا محاولة ثانية في طبعة أخرى نضيف فيها ماأغفلنا أو نصحح ما أخطأنا...
د. مهدي عبد الهادي
القدس